كتاب المنهج القويم في اختصار اقتضاء الصراط المستقيم

من الشجر والدواب وازدُرِع فيها أفضل الحبوب والثمار، جاء فيها من الحرث ما لا يوصف مثله، وبالله المستعان.
فصار السابقون الأولون أفضل الخلق بعد الأنبياء، وصار أفضل الناس بعدهم من تبعهم بإحسان إلى يوم القيامة من العرب والعجم، وصار الخارجون عن هذا الكمال قسمين: إما كافر من اليهود والنصارى الذين لم يقبلوا هدى الله، وإما غيرهم من العجم الذين لم يشركوهم فيما فطروا عليه، فجاءت الشريعة باتباع أولئك السابقين على الهدى الذي رضيه الله لهم، وبمخالفة من سواهم: إما لمعصيته، وإما لنقيصته، وإما لأنه مظنة النقيصة، فإذا نهت الشريعة عن مشابهة الأعاجم دخل في ذلك ما عليه الأعاجم الكفار قديما وحديثا، وما عليه الأعاجم المسلمون مما لم يكن السابقون الأولون عليه، كما يدخل في مسمى الجاهلية ما كان عليه أهل الجاهلية قبل الإسلام، وما عاد إليه كثير من العرب من الجاهلية التي كانوا عليها، ومن تشبه من العرب بالعجم لحقوا بهم، ولهذا كان الذين تناولوا العلم والإيمان من أبناء فارس إنما حصل ذلك بمتابعتهم للدين الحنيف بلوازمه من العربية وغيرها، ومن نقص من العرب إنما هو بتخليهم عن هذا، وإما بموافقتهم للعجم فيما السنة أن يخالفوا فيه.

الصفحة 73