كتاب المنهج القويم في اختصار اقتضاء الصراط المستقيم

وأصل هذا الحديث في الصحيحين، وإسناده على شرطهما.
فوجه الدلالة أن هذا الناذر لما نذر الذبح سأله: هل كان بها وثن أو عيد لهم؟ ثم قال: لا وفاء لنذر في معصية الله، فدل على أن الذبح بمكان عيدهم وموضع أوثانهم معصية، فإنه عقب فأوف بالفاء، فيدل على أن الوصف هو سبب الحكم، فيكون سبب الوفاء بالنذر وجوده خاليا عن هذين الوصفين، ويكون الوصفان مانعين من الوفاء، وإذا كان الذبح بمكان عيدهم منهيا عنه، فكيف بالموافقة في نفس العيد.
وبوانة بضم الباء بواحدة من أسفل، موضع.
وهذا نهي شديد عن أن يفعل شيء من أعياد الجاهلية على أي وجه كان، وأعياد الكفار من الكتابيين والأميين في دين الإسلام من جنس واحد، كما أن كفرهم سواء في التحريم، وإن كان بعضه أشد تحريما، ولا يختلف حكمهما في حق المسلم، لكن أهل الكتاب أقروا على دينهم مع أنه شرط عليهم أن لا يظهروا أعيادهم، بل أعياد الكتابيين أعظم كفرا؛ لأنهم يتخذونها دينا، بخلاف الذين يتخذونها لهوا ولعبا؛ لأن التعبد بما يسخط الله أعظم من اقتضاء الشهوات،

الصفحة 84