كتاب المنهج القويم في اختصار اقتضاء الصراط المستقيم

ولهذا كان الشرك أعظم إثما من الزنا، وكان جهاد أهل الكتاب أفضل من غيرهم، وكان من قتله أهل الكتاب له أجر شهيدين.
الوجه الثالث: أن هذا الحديث وغيره قد دل على أنه كان للناس أعياد يجتمعون فيها في الجاهلية، ومعلوم أنه بمبعث إمام المتقين صلى الله عليه وسلم محا الله ذلك عنه، فلم يبق شيء من ذلك، فلولا نهيه ومنعه لما ترك الناس ذلك مع قيام المقتضي لفعلها من جهة الطبيعة أن المانع قوي لما درست تلك الأعياد.
الوجه الرابع: ما خرجاه في الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: دخل علي أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث، قالت: وليستا بمغنيتين، فقال [أبو بكر] أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! وذلك يوم عيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا، وهذا عيدنا" وفي رواية: دعهما يا أبا بكر.
فقوله: إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا يوجب اختصاص كل قوم بعيدهم؛ كقوله -تعالى- وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا لأن اللام تورث الاختصاص، فلا نشركهم في عيدهم كما لا نشركهم في

الصفحة 85