كتاب المنهج القويم في اختصار اقتضاء الصراط المستقيم

الوجه السادس: ما رواه أبو هريرة عنه -صلى الله عنه وسلم- أنه قال: نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، وأوتيناه لمن بعدهم، فهذا يومهم الذي فرض الله عليهم فاختلفوا فيه، فهدانا الله له، فالناس لنا فيه تبع، اليهود غدا، والنصارى بعد غد متفق عليه.
فذكر أن الجمعة لنا كما أن السبت لليهود والأحد للنصارى، واللام تقتضي الاختصاص، ثم هذا الكلام يقتضي الاقتسام، كما إذا قيل: هذه ثلاثة غلمان، هذا لي، وهذا لزيد، وهذا لعمرو، فإذا نحن شاركناهم في يوم السبت ويوم الأحد خالفنا هذا الحديث، هذا في العيد الأسبوعي فكيف في العيد الحولي؟!
وقوله -صلى الله عليه وسلم-: بيد أنهم أوتوا الكتاب أي من أجل، كقوله: "أنا أفصح العرب، بيد أني من قريش" والمعنى -والله أعلم- نحن الآخرون في الخلق السابقون في الحساب والدخول إلى الجنة، فأوتينا الكتاب من بعدهم، فهدينا لما اختلفوا فيه من العيد السابق للعيدين الآخرين، وصار عملنا الصالح قبل عملهم، فلما سبقناهم إلى الهدى والعمل الصالح جعلنا سابقين لهم في ثواب العمل الصالح،

الصفحة 88