كتاب المنهج القويم في اختصار اقتضاء الصراط المستقيم

ومن قال: بيد ههنا بمعنى غير، فقد أبعد.
الوجه السابع: ما روي عن أم سلمة -رضي الله عنها- أنها قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم يوم السبت ويوم الأحد أكثر ما يصوم من الأيام، ويقول: "إنهما عيد للمشركين، فأنا أحب أن أخالفهم" رواه أحمد والنسائي وصححه بعض الحفاظ وهذا نص في شرع مخالفتهم في عيدهم، وإن كان على طريق الاستحباب، وسنذكر حديث نهيه عن صوم يوم السبت وتعليل ذلك -أيضا- بمخالفتهم، ونذكر حكم صومه عند العلماء، وأنهم متفقون على شرع مخالفتهم في عيدهم، وإنما اختلفوا: هل مخالفتهم بالصوم أو بالإهمال حتى لا يقصد بصوم ولا بفطر، أو يفرق بين العيد العربي والعيد العجمي؟ على ما سنذكره -إن شاء الله تعالى-.
وأما الإجماع والآثار فمن وجوه:
أحدها: ما تقدم التنبيه عليه من أن اليهود والنصارى والمجوس ما زالوا في أمصار المسلمين بالجزية، يفعلون أعيادهم التي لهم والمقتضي لبعض ما يفعلونه قائم في كثير من النفوس، ثم لم يكن على عهد السلف من المسلمين من يشركهم في شيء من ذلك، فلولا قيام المانع في نفوس الأمة كراهة ونهيا، وإلا لوقع ذلك كثيرا؛ إذ الفعل مع وجود مقتضيه وعدم منافيه واقع.

الصفحة 89