كتاب المداخل إلى آثار شيخ الإسلام ابن تيمية وما لحقها - أبو زيد - ط عالم الفوائد
له هاتان القوتان: استقام له سيره إلى الله ورجي له النفوذ، وقوي
على رد القواطع والموانع بحول الله وقوته، فان القواطع كثيرة،
شأنها شأن شديد، لا يخلص من حبائلها إلا الواحد بعد الواحد،
ولولا القواطع و لافات لكان الطريق معمورة بالسالكين، ولو شاء
الله لأزالها وذهب بها، ولكن الله يفعل ما يريد، والوقت كما قيل
سيف فان قطعته وإلا قطعك.
فاذا كان السير ضعيفا، والهمة ضعيفة، والعلم بالطريق ضعيفا،
والقواطع الخارجة و لداحلة كثيرة شديدة، فانه جهد البلاء ودرك
الشقاء، وشماتة الأعداء، إلا أن يتداركه الله برحمة منه من حيث
لا يحتسب، فيأخذ بيده ويخلصه من أيدي القواطع والله ولي
التوفيق " انتهى.
الأمر الثالث: مواطن الضعف في سيرته حسب ميول الناظرين؟!!
* ضعفه في نظر عشاق المناصب والولايات، فقد عرضت
عليه مناصب علمية فأباها متها: "راسة القضاء" -قاضي القضاة -
و"رئيس المشيخة) "، وقال: يقوم بها غيري، أما نشر العلم وتصحيح
الاعتقاد، ورد الناس إلى الله ورسوله فالناس أحوج ما يكونون إليه.
فالت ميزة خلدت ذكره في العالمين، وغاب أصحاب الولايات
بأبهتهم بما لهم وما عليهم - من الله على الجميع بعفوه ومغفرته -.
* ضعفه في نظر طلاب المادة، عشاق الأصفر الرتان، فقد
عرضت عليه المرتبات، والأعطيات، فأباها ولم يتدنس بشيء من
ذلك؛ لأنه - رحمه الله تعالى - يعلم أنه إذا أخذت اليد، ضعفت
مقاومة الباطل، واهنز موقف الناصح. فليعتبر من يقول: "أنا لها".
26