أي لا تسلك طريق الذين يفسدون في الأرض بمعصيتهم ربهم، ومعونتهم أهل المعاصي على عصيانهم، ولكن اسلك سبيل المطيعين1.
ففي هذه الآيات المتقدمة دلالة على النهي عن التشبه بالكفار في أي حال وأي موضع، وان كل ذلك يدل على أن جنس مخالفتهم وترك مشابهتهم أمر واجب.
ثانياً: من السنة:
1 ـ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال صلى الله عليه وسلم: "من تشبه بقوم فهو منهم" 2. وهذا الحديث يعتبر أصلاً من أصول هذه المسألة. وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية فيه: إسناده جيد.
وأقل أحواله: أنه يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان في ظاهره يقتضي كفر المتشبه به، كما في قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُم} 34.
وقال ابن رجب5: هذا يدل على أمرين:
__________
1 تفسير القرطبي (9/48) . وانظر: تفسير البغوي (3/195) .
2 سنن أبي داود كتاب اللباس باب من ليس الشهرة (4/44) ، رقم (4031) ، ومسند الإمام أحمد (2/50،92) ، ومشكل الآثار للطحاوي (1/88) ، ورواه الطبراني في الأوسط، كما في مجمع الزوائد للهيثمي، باب من تشبه بقوم فهو منهم (1/27) ، وقال ابن حجر في الفتح (6/98) ، سنده حسن، وصححه الألباني كما في إرواء الغليل (5/109) .
3 سورة المائدة، آية (51) .
4 اقتضاء الصراط المستقيم (1/236-237) .
5 هو: عبد الرحمن بن أحمد بن رجب السلامي البغدادي، ثم الدمشقي الحنبلي أبو الفرج، حافظ للحديث، من العلماء، ولد في بعداد سنة 736هـ وتوفي في دمشق 795هـ، انظر ترجمته: شذرات الذهب (6/1339) ، والدرر الكامنة (2/321) ، والبدر الطالع (1/328) .