كتاب الشفاء في بديع الاكتفاء

الحقيقي لا يغال هذا يلتحق البيت وهذا المثال بما تقدم مما أجازت العرب حذفه لضرورة أو على قلة لأننا نقول: إن حذف بعض الكلام معهود في كلامهم بل هو أكثر من أن يذكر سيما إذا دل عليه دليل بخلاف حذف بعض الكلمة فإنه من الشذوذ بمكان وليت شعري ما في حذف الزاي واللام من المنازل من المحسنات وأما الدليل الذي دل عليه فكذا حذف الهاء والدال من شاهد في قول أبي الفتح قابوس: إذا طلبت وصله كفى بالدمع شا. وإنما أولع بهذا النوع بعض المتأخرين والعصريين وزاملوه بشعار التورية، فحسن في الذوق ولطف في السمع وتبع بعضهم بعضاً في ذلك ورأيت أشياخنا أئمة هذه الصناعة، ومالكي أزمة البراعة، كالشيخ بدر الدين السبكي - سقى الله عهده - ومولانا قاضي القضاة شهاب الدين العسقلاني - أعز الله تعالى أحكامه - وقد شادوا قصوراً في هذا النوع وأجادوا في وصف أبياتها وصفهم فاقتديت خلفهم
وهل أنا إلا من غزيّة إن غوتْ ... غويتْ وإن تَرْشُدْ غزيَّة أَرشُدِ
بيد أني خرجت من العهدة بالتنبيه على ما فيه، وإلا لما أمكن تأليف هذا الكتاب، وهو في الحقيقة بناء على غير أصل، وإذا شبه الشيخ سعد الدين الاعتبار بوجوه
تحسين الكلام دون رعاية مطابقته لمقتضى الحال ووضوح الدلالة بتعليق الدر على أعناق الخنازير، فهذا أولى ولعل هذا العذر إن لم يذكر نوع الاكتفاء من البديعيين لكون بعضه أو غالبه لم يجزه العرب، وما أجازته فداخل فيبعض الإيجاز، فتأمل ما يرد إليك من الأمثلة في هذا الكتاب وغيره ونزله على قوانين العربية فما طابق

الصفحة 39