كتاب الاستيعاب في معرفة الأصحاب (اسم الجزء: 3)

يكنى أَبَا عَمْرو. وقيل أَبُو عُمَر. وقيل أَبُو عَبْد اللَّهِ. عقبي، شهد بدرا والمشاهد كلها، وأصيبت عينه يَوْم بدر. وقيل يَوْم الخندق، وقيل يَوْم أحد، فسالت حدقته، فأرادوا قطعها، ثُمَّ أتوا النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فدفع حدقته بيده حَتَّى وضعها موضعها، ثُمَّ غمزها براحته، وَقَالَ: اللَّهمّ اكسها جمالا، فجاءت وإنها لأحسن عينيه وما مرضت بعده.
قال أَبُو عُمَر: الأصح- والله أعلم- أن عين قَتَادَة أصيبت يَوْم أحد.
رَوَى عَبْدُ الله بن إدريس، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أُصِيبَتْ عَيْنُ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ يَوْمَ أُحُدٍ، وَكَانَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِعُرْسٍ، فَأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَهَا بِيَدِهِ فَرَدَّهَا. فَكَانَتْ أَحْسَنَ عَيْنَيْهِ وَأَحَدَّهُمَا نَظَرًا. وقال عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيزِ: كنا نتحدث أَنَّهَا تعلقت بعرق فردها رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال: اللَّهمّ اكسها جمالا. وذكر الأصمعي، عَنْ أَبِي معشر المدني، قَالَ: وفد أَبُو بَكْر بْن مُحَمَّد ابن عَمْرو بْن حزم بديوان أهل المدينة إِلَى عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيزِ- رجل من ولد قَتَادَة بْن النعمان، فلما قدم عَلَيْهِ قَالَ له ممّن الرجل؟ فقال:
أنا ابْن الَّذِي سالت على الخد عينه ... فردت بكف المصطفى أحسن الرد
فعادت كما كانت لأول أمرها ... فيا حسن مَا عين ويا حسن مَا رد
فقال عُمَر بْن عبد العزيز رحمة الله عليه:
تلك المكارم لا قعبان من لبن ... شيبا بماء فعادت بعد أبوالا

الصفحة 1275