كتاب الاستيعاب في معرفة الأصحاب (اسم الجزء: 4)

وَفِي حَدِيثِ بَقِيَّةَ: فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُذُنِي وَقَالَ لِي: يَا غَدِرُ.
وَفِي حَدِيثِ بَقِيَّةَ أَيْضًا: إِنَّهُ أَعْطَانِي قِطْفَيْنِ مِنْ عِنَبٍ، فَقَالَ لِي:
كُلْ هَذَا، وَبَلِّغْ هَذَا إِلَى أُمِّكَ، فَأَكَلْتُهُمَا، ثُمَّ سَأَلَ أُمَّهُ، وَذَكَرَ الْخَبَرَ بِمَعْنَى مَا ذَكَرْنَا. وَكَانَ النعمان أميرًا عَلَى الكوفة لمعاوية سبعة أشهر، ثم أميرا على حمص لمعاوية، ثم ليزبد، فلما مات بزيد صار زبيريًا، فخالفه أَهْل حمص، فأخرجوه منها، واتبعوه وقتلوه، وذلك بعد وقعة مرج راهط، وَكَانَ كريمًا جوادًا شاعرًا، ويروى أن أعشى همدان تعرض ليزيد بْن مُعَاوِيَة فحرمه، فمر بالنعمان بْن بشير الْأَنْصَارِيّ- وَهُوَ عَلَى حمص، فَقَالَ له: مَا عندي مَا أعطيك.
ولكن معي عشرون ألفًا من أَهْل اليمن! فَإِن شئت سألتهم لك، فَقَالَ:
قد شئت. فصعد النعمان المنبر، واجتمع إليه أصحابه، فحمد اللَّه وأثنى عَلَيْهِ، ثُمَّ ذكر أعشى همدان، فَقَالَ: إن أخاكم أعشى همدان قد أصابته حاجة، ونزلت به جائحة، وقد عمد إليكم، فَمَا ترون؟ قَالُوا: دينار دينار. فَقَالَ: لا، ولكن بين اثنين دينار، فَقَالُوا: قد رضينا. فَقَالَ: إن شئتم عجلتها له من بيت المال من عطائكم وقاصصتكم إذا أخرجت عطاياكم. قَالُوا: نعم فأعطاه النعمان عشرة آلاف دينار من أعطياتهم، فقبضها الأعشى وأنشأ يقول:
لم أر للحاجات عند انكماشها [١] ... كنعمان [٢] الندى- ابْن بشير
إذا قَالَ أوفى بالمقال ولم يكن ... كمدل [٣] إلى الأقوام حبل غرور
---------------
[١] في أ، س: التماسها.
[٢] في أسد الغابة: أعنى ذا الندى بن بشير
[٣] في أ، ش: ككاذبة الأقوام.

الصفحة 1498