كتاب الاستيعاب في معرفة الأصحاب (اسم الجزء: 4)

وسويت بين الناس في الحق فاستووا [١] ... فعاد صباحا حالك اللين مُظْلِمُ
أَتَاكَ أَبُو لَيْلَى تَجُوبُ بِهِ الدُّجَى ... دجى الليل جوّاب الفلاة عرموم [٢]
لِتَجْبُرَ مِنْهُ جَانِبًا دَعْدَعَتْ [٣] بِهِ ... صُرُوفُ اللَّيَالِي والزمان المصمّم
قَالَ: فَقَالَ لَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ: أَمْسِكْ عَلَيْكَ يَا أَبَا لَيْلَى، فَإِنَّ الشِّعْرَ أَهْوَنُ وَسَائِلِكَ عِنْدَنَا. أَمَّا صَفْوَةُ [٤] مَالِنَا فَإِنَّ بَنِي أَسَدٍ [٥] شَغَلَتْنَا عَنْكَ، وَأَمَّا صَفْوَتُهُ فَلآلِ الزُّبَيْرِ، وَلَكِنْ لَكَ فِي مَالِ اللَّهِ حَقَّانِ: حَقٌّ لِرُؤْيَتِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَقٌّ لشركتك أهل الإسلام في فيتهم، ثُمَّ أَدْخَلَهُ دَارَ النَّعَمِ، فَأَعْطَاهُ قَلائِصَ سَبْعًا وَفَرَسًا [وَخَيْلا] [٦] ، وَأَوْقَرَ لَهُ الرِّكَابَ بُرًّا وَتَمْرًا وَثِيَابًا، فَجَعَلَ النَّابِغَةُ يَسْتَعْجِلُ وَيَأْكُلُ الْحَبَّ صِرْفًا، فَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ:
وَيْحَ أَبِي لَيْلَى! لَقَدْ بَلَغَ مِنْهُ الْجَهْدُ. فَقَالَ النَّابِغَةُ: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: مَا وَلِيَتْ قُرَيْشٌ فَعَدَلَتْ، وَاسْتَرْحَمَتْ فَرَحِمَتْ، وَحَدَّثَتْ فصدقت، ووعدت خير فَأَنْجَزَتْ، فَأَنَا وَالنَّبِيُّونَ فُرَّاطُ الْقَادِمِينَ [٧] أَلا ... وَذَكَرَ كَلِمَةً مَعْنَاهَا أَنَّهُمْ تَحْتَ النَّبِيِّينَ بِدَرَجَةٍ فِي الْجَنَّةِ. قَالَ الزُّبَيْر: كتب يَحْيَى بْن معين هَذَا الحديث عَنْ أخي. وذكر أَبُو الفرج الأصبهاني هَذَا الحديث، فَقَالَ: حدثني به مُحَمَّد بْن جرير الطبري من حفظه عَنْ أَحْمَد بْن زهير بإسناده. ومما يستحسن ويستجاد للنابغة الجعدي:
فتى كملت خيراته غير أنه ... جواد فلا يبقى [٨] من المال باقيا
فتى تم فيه مَا يسر صديقه ... عَلَى أن فيه ما يسوء الأعاديا
---------------
[١] في ى: فاستروا
[٢] في أ، والمذهب: عثمثم
[٣] في المهذب: زعزعت.
[٤] في أ: عفوة.
[٥] في أ: فإن بنى أسد وبنى تيماء تشغلها عنك.
[٦] ليس في أ.
[٧] في الشعر والشعراء: القاصفين.
[٨] في ى: فلا ينفق.
(م ٦- الاستيعاب- ٤)

الصفحة 1519