كتاب الاستيعاب في معرفة الأصحاب (اسم الجزء: 1)

فقال: تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بك يا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ. وَوَافَقَ مَوْتُهُ كُسُوفَ الشَّمْسِ، فَقَالَ قوم: إنّ الشمس انكسفت لموته، فحطبهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لا يُخْسَفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالصَلاةِ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ: إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ تُتِمُّ رَضَاعَهُ. حَدَّثَنَا سَعِيدُ، حَدَّثَنَا قَاسِمٌ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يَقُولُ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لَمَّا مَاتَ إِبْرَاهِيمُ: [أَمَا] [١] إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ. وَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا، هَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَكَذَلِكَ قال الشَّعْبِيِّ، قَالَ: مَاتَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، فَصَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ.
وروى ابن إسحاق عن عَبْد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ دفن ابنه إبراهيم ولم يصل عليه. وهذا غير صحيح، والله أعلم، لأن الجمهور قد أجمعوا على الصلاة على الأطفال إذا استهلوا وراثة [٢] وعملا مستفيضًا عن السلف والخلف، ولا أعلم أحدا جاء عنه غير هذا إلا عن سمرة بن جندب، والله أعلم.
---------------
[١] من م.
[٢] في ى: دراية، والمثبت من أ، س، م.

الصفحة 58