كتاب الاستيعاب في معرفة الأصحاب (اسم الجزء: 2)

على الناس فَقَالَ [١] : «اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً» ٧١: ١٠- ١٢.
ثم قام العباس وعيناه تنضحان، فطالع [٢] عمر، ثم قَالَ: اللَّهمّ أنت الراعي لا تهمل الضالة، ولا تدع الكسير بدار مضيعة، فقد ضرع الصغير، ورق الكبير، وارتفعت الشكوى، وأنت تعلم السر وأخفى، اللَّهمّ فأغثهم بغياثك من قبل أن يقنطوا فيهلكوا، فإنه لا ييأس من روحك إلا القوم الكافرون. فنشأت طريرة من سحاب، فَقَالَ الناس: ترون ترون! ثم تلاءمت واستتمت ومشت [٣] فيها ريح، ثم هرت ودرّت، فو الله ما يرحوا حتى اعتلوا الجدار [٤] ، وقلصوا المآزر، وطفق الناس بالعباس يمسحون أركانه، ويقولون: هنيئا لك ساقي الحرمين.
قَالَ ابن شهاب: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرفون للعباس فضله، ويقدمونه ويشاورونه ويأخذون برأيه، واستسقى به عمر فسقي.
وَقَالَ الحسن بن عثمان: كان العباس جميلا أبيض بضا ذا ضفيرتين، معتدل القامة. وقيل: بل كان طوالا.
وروى ابن عيينة عن عمرو بن دينار، عَنْ جَابِرٍ. قَالَ: أَرَدْنَا أَنْ نَكْسُوَ الْعَبَّاسَ حِينَ أُسِرَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَمَا أَصَبْنَا قَمِيصًا يَصْلُحُ عَلَيْهِ إِلا قَمِيصَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ.
وَتُوُفِّيَ الْعَبَّاسُ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لاثْنَتَيْ عشرة ليلة خلت من رجب. وقيل:
---------------
[١] سورة هود، آية ٥٢.
[٢] في س: فطال.
[٣] في س: وتمشت.
[٤] في س: حتى اعتلقوا الحذاء.

الصفحة 816