كتاب الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري

إِنَّ كُلَّ مَأْمُومٍ يَقْضِي فَرْضَ نَفْسِهِ، وَالقِيَامُ وَالقِرَاءَةُ، وَالرُّكُوعُ، وَالسُّجُودُ عِنْدَهُمْ فَرْضٌ فَلَا يَسْقُطُ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ عَنِ المَأْمُومِ وَكَذَلِكَ القِرَاءَةُ فَرْضٌ فَلَا يَزُولُ فَرْضٌ عَنْ أَحَدٍ إِلَّا بِكِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ. وَقَالَ [أَبُو قَتَادَةُ] وَأَنَسٌ وَأَبُو هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَمَا أَدْرَكْتُمْ، فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا ". فَمَنْ فَاتَهُ فَرْضُ القِرَاءَةِ وَالقِيَامِ فَعَلَيْهِ إِتْمَامُهُ كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» (ص ١٥).
«إِنْ اعْتَلَّ مُعْتَلٌّ فَقَالَ: إِنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ "، وَلَمْ يَقُلْ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ. قِيلَ لَهُ: قَدْ بَيَّنَ حِينَ قَالَ: " اقْرَأْ ثُمَّ ارْكَعْ [ثُمَّ اسْجُدْ] ثُمَّ ارْفَعْ فَإِنَّكَ إِنْ أَتْمَمْتَ صَلَاتَكَ عَلَى هَذَا فَقَدْ تَمَّتْ " ... فَبَيَّنَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ فِيَ كُلِّ رَكْعَةٍ قِرَاءَةً وَرُكُوعًا وَسُجُودًا، وَأَمَرَهُ أَنْ يُتِمَّ صَلَاتَهُ عَلَى مَا بَيَّنَ لَهُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى».
وهذا حديث مفسر للصلاة كلها، لا لركعة دون ركعة.
«وَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ: " كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ فِي الْأَرْبَعِ كُلِّهَا "» (ص ١٧، ١٨).
وَقَدْ ضَعَّفَ البُخَارِيُّ الزِّيَادَةَ التِي جَاءَتْ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ»، والزيادة التي ضعفها البخاري هي: «فَقَدْ أَدْرَكَهَا قَبْلَ أَنْ يُقِيمَ الْإِمَامُ صُلْبَهُ»، هذا إلى أن الحديث إذا قال: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً» فإنما يريد الركعة الكاملة بكل ما تحويه من فرائض من قيام وركوع وسجود، ولا يقتصر معناه على إدراك الركوع (ص ١٩، ٢٢).
ثم ذكر البخاري أنه لا يجهر بالقراءة خلف الإمام. وأن المأموم يقرأ في سكتات الإمام، وهي سكتتان: بعد تكبيرة الإحرام، وبعد الفراغ من القراءة قبل الركوع.
ثم يروي في آخر الكتاب عن أبي هريرة قال: «إِذَا أَدْرَكْتَ

الصفحة 596