كتاب عبد الرحمن حبنكة الميداني العالم المفكر المفسر
ما فيه خيرهم وخير أمّتهم ودينهم، ويضرب لهم مثلاً دائما بأن الحوض
مهما كان واسعاً، فهو عبارة عن مجموع قطرات ماء، وهكذا حوض العلم
والمعرفة!، لذلك فهو لايترك فرصة سانحة مع أفراد أسمرته او مع من
يربيهم أو مع صَحبه دون أن يغتنمها في مناقشة عِلمِية، أو توجيهٍ تربويّ،
أو دعوة إلى خير، بطريقة لا تدخل الملَلَ إلى نُفُوسهم، إذْ يتّبع الأسلُوب
النبويّ بأن يتخولهم في الموعظة مخافة السأم، وقول الرسول ع! ي! لحنظلة
الأسيدي: ". . . ولكن يا حنظلة ساعة وساعة إ" (1)، لذا فهُو يحاول
إدْخالَ بعضِ الترفِيهِ على نُفُوس جُلَسَائه أو مَنْ يُربّيهم بإ يراد لَطائف منتقاة،
أو بِمُزاع فيه مداعبةٌ للنفوس، أو برواية قصص أو حوادث مسفية يتحيّنها
حسب ظروف جلسائه ومن يوجههم، لتُدْخِل السُّروو عليهم، وتجدد
نشاطهم الفكري والنفسي.
وقد ساعده على ذلك كله ما حَبَاهُ الله إيّاه من حسنِ خلقٍ، ولينِ
جانبٍ، وحسنِ عشرة، وحكمةٍ، وصبرٍ، ورُشْدٍ، ودَمَاثبما، وتواضُع
جم. ومحاوَلةِ التأسّي ما أمكنهُ بشمائل الرسول ع! ي!، ولا سيما مع أهله.
إذ يحاول ان يكون من خير الناس لأهله، وأفكهِ الناس مع أهله، وأن يكون
بمهنة أَهله، وان يعطي كل ذي حقٍ حقّه من أفراد أُسْرَتِه وأوحَامه. . فهو
معهُم يطبق ما يرشد إليه الناس إذ يسعهم بحسن خلقه، يوقّر كبيرهم،
ويَرحَمُ ضعيفهم، ويُحسنُ التعامُلَ مع مُراهِقيهم وشبابهم، ويتفهم نفسيّة
المرأةِ، ويتعامل معها بحسبها 0 افَا الأطفال فلهم منه النصيب الأوفى
مُلاطفةً ومُداعبةً وتَوجِيهاً وتسلية.
وممّا ساعَدَهُ على التفرغ للعلم والتوجيهِ والدَعوة عدمُ تعفُقه بالدنيا
وزينتها، وابتعاده قدر المستطاع عن الشهرة والأضواء، وإخلاصُهُ الشديد
(1)
رواه مسلم: 4/ 6 0 1 2 - 7 0 1 2 ح ه 0 27.
39