كتاب رسم المصحف العثماني وأوهام المستشرقين في قراءات القرآن الكريم

الاحتجاج لكلمات خالية من الضبط والنقط:
- قرئ "قُل فيهما إثمٌ كثيرٌ" [آية: 219] 1:
بالثاء، قرأها حمزة والكسائي*.
ووجه ذلك: أن الإثم ههنا عُودل به المنافع التي تتصف بالكثرة؛ لكونها جمعًا في قوله تعالى: {وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} 2، فلما عودل به ما تقرر فيه الكثرة حسن فيه أيضًا أن يوصف بالكثرة، ويدلّ على ذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ} 3 الآية، فبين أن ما يحدث من الخمر مضار كثيرة في باب الدّين، فدلّ على أن كثرة الإثم متقرّرة فيهما.
وقرأ الباقون {كَبيِرٌ} بالباء4؛ وذلك لأن الإثم إِنما يوصف بالكبر نحو قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ} 5، و {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} 6، ثم إِنهم أجمعوا في قوله تعالى: {وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ} 7 على الباء دون الثاء، فإجماعهم عليه في الثاني يدلّ على أنه في الأول أيضًا بالباء8.
- "قُلِ العَفْوُ" [آية: 219] :
بالرفع, قرأها أبو عمرو وحده9.
ووجه ذلك: أنه جَعَلَ ذا من قوله: {مَاذَا} 10 بمنزلة الذي، ولم يجعلها مع ما بمنزلة اسم واحد، فيكون التقدير على هذا: ويسألونك ما الذي ينفقونه؟ قل العَفْوُ، بالرفعِ، الذي ينفقونه العفوُ، فيرتفع العفوُ بخبر المبتدأ، ومبتدؤه مضمر يدلّ عليه الذي ينفقونه؛ وهو ما في سؤالهم.
__________
1 السبعة: 182، التيسير: 80، النشر: 2/ 227.
2 الآية نفسها 219/ البقرة.
3 91/ المائدة.
4 انظر مصادر القراءة الأولى.
5 37/ الشورى.
6 31/ النساء.
7 219/ البقرة.
8 حجة أبي علي 2/ 307-315، وإعراب القرآن للنحاس 1/ 260، وحجة ابن خالويه: 96، وحجة أبي زرعة: 132 و133، والكشف 1/ 391 و292، والإتحاف: 157.
9 السبعة: 182، التيسير: 80، النشر: 2/ 227.
10 {وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} الآية نفسها 219/ البقرة.
* حجة أبي علي 2/ 306 و307، وإعراب القرآن للنحاس 1/ 255 و256، وحجة ابن خالويه: 95 و96، وحجة أبي زرعة: 131 و132، والكشف: 1/ 289-291، والإتحاف 156 و157.

الصفحة 39