كتاب الآثار المروية في صفة المعية

قال المروزي: قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل، إن رجلا قال: أقول كما قال الله {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} ، أقول هذا ولا أجاوزه إلى غيره. فقال أبو عبد الله: "هذا كلام الجهمية". قلت: فكيف نقول؟ قال: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ}
علمه في كل مكان وعلمه معهم" ثم قال: "أول الآية يدل على أنه علمه"1.
قال حنبل: قلت لأبي عبد الله ما معنى قوله {وَهُوَ مَعَكُمْ} ، و {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ} ؟. قال: "علمه محيط بالكل، وربنا على العرش بلا حد ولا صفة"2.
قال أحمد بن جعفر الفارسي الإصطخري: قال أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل: "هذه مذاهب أهل العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المتمسكين بعروقها، المعروفين بها المقتدى بهم فيها من لدن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
__________
1 رواه ابن بطة في الإبانة (تتمة الرد على الجهمية) ، (3/160-161، برقم117) .
وأورده الذهبي في العلو (ص130) .
وأورده ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (201) .
2 أخرجه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (3/402، برقم675) . وأورده ابن قدامة في إثبات صفة العلو (ص116، برقم95) . وأورده الذهبي في العلو (ص130) ، وفي الأربعين في صفات رب العالمين (ص65، برقم 50) ، وفي العرش 2/245 رقم 218، 219، 220وأورده ابن تيمية في مجموع الفتاوى (5/496) . وأورده ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (200) وعزاه للالكائي.
وانظر مختصر الصواعق (2/213) ، وقال ابن القيم: (أراد أحمد بنفي الصفة نفي الكيفية والتشبيه، وبنفي الحد حد يدركه العباد ويحدونه) .
وانظر في مسألة الحد نقض تأسيس الجهمية (2/162) .

الصفحة 24