كتاب الآثار المروية في صفة المعية

"باب بيان ما أنكرت الجهمية أن يكون الله على العرش، قلت لهم: أنكرتم أن يكون الله على العرش، وقد قال {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ؟
فقالوا: هو تحت الأرض السابعة، كما هو على العرش، وفي السموات والأرض.
فقلنا: قد عرف المسلمون أماكن كثيرة ليس فيها من عظمة الرب شيء، أجسامكم وأجوافكم والأماكن القذرة ليس فيها من عظمته شيء، وقد أخبرنا عز وجل أنه في السماء فقال تعالى {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً} {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} ، {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} ، {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} ، {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} ، فقد أخبرنا سبحانه أنه في السماء"1.
11 - قول الحارث بن أسد المحاسبي2 (243هـ)
قال: "وأما قوله تعالى {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} {إِذاً لابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً} {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} هذا يوجب أنه فوق العرش فوق الأشياء كلها متنزه عن الدخول في خلقه لايخفى عليه منهم خافية لأنه أبان في هذه
__________
1 انظر الرد على الجهمية للإمام أحمد بن حنبل (ص92-93، -ضمن عقائد السلف) .
وأورده الذهبي في العرش (2/250ـ251 برقم 224.)
وأورده ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية (ص201-202) .
2 الحارث بن أسد المحاسبي البغدادي أبو عبد الله عاش في بغداد اشتهر بالتصوف وألف فيه كتبا أشهرها الرعاية لحقوق الله ورسالة المسترشدين توفي سنة 243 هـ تاريخ بغداد 8/211 السير 12/110.

الصفحة 43