كتاب هدم المنارة لمن صحح أحاديث التوسل والزيارة

لأن مقتضى الشفاعة ومعناها الدعاء والطلب للغير.
قال ابن منظور في "لسان العرب " (٤/ ٢٢٨٩):
"وروي عن المبرد وثعلب أنهما قالا في قوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} قالا: الشفاعة: الدعاء ها هنا، والشفاعة: كلام الشفيع للملك في حاجة يسألها لغيره، وشفع إليه: في معنى طلب إليه ..... ".
قلت: وهذا يؤيده:
ما رواه الشيخان (البخاري: ٤/ ٣٨٥، ومسلم: ١/ ١٨٠) من طريق: قتادة، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -:
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
"يجمع الله المؤمنين يوم القيامة، كذلك، فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا، فيأتون آدم، فيقولون: يا آدم أما ترى الناس؟ خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء، اشفع لنا عند ربك، حتى يريحنا من مكاننا هذا، فيقول: لست هناك .... ".
فهذا ظاهر جدًّا على أن الاستشفاغ لا يكون توسلًا بالجاه، وإنما هو بالدعاء، فلو كان بالجاه لكفاهم أن يتوسلوا بجاه أحد الأنبياء دون الحاجة إلى التردد بين الأنبياء جميعًا، كما ورد في متن الحديث، وهذا لم يقع منهم، ومن ثمَّ فلا شفاعة بغير دعاء أو طلب أو سؤال.

الصفحة 113