كتاب هدم المنارة لمن صحح أحاديث التوسل والزيارة

"وفي الباب آثار عن السلف أكثرها ضعيفة".
قد تقدَّم النقل عنه - رحمه الله - أنه قال:
"وإنما يُنقل شيء من ذلك في أحاديث ضعيفة مرفوعة وموقوفة، أو عن من ليس قوله حجة".
بل قد أورد المؤلف بعض الآثار في ذلك، وقد بينا ما فيها من ضعف، كما سوف يأتي ذكره وبيانه. (١)
وأما ما نقله عن أحمد، فهذا مجمل، ولم يُفصل بأي شيء يتوسل به، هل بذاته أو بالإيمان به، وبطاعته، واتباعه.
قال شيخ الإسلام (ص: ٩٨):
"ونقل عن أحمد بن حنبل في منسك المروذي التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في الدعاء، ونهى عنه آخرون، فإن كان مقصود المتوسلين التوسل بالإيمان به وبمحبته وبموالاته وبطاعته فلا نزاع بين الطائفتين، وإن كان مقصودهم التوسل بذاته فهو محل النزاع، وما تنازعوا فيه يُردُّ إلى الله والرسول".
قلت: وهذا هو الحق المبين، والنور الأبلج، فإن المسلمين لا
---------------
(١) ثم وجدت أنه من المناسب جدًّا أن أعقد فصلًا في هذا الباب أورد فيه جملة مما روي عن السلف والأئمة في جواز التوسل والتلوذ بالقبر النبوي، وأبين ما فيها من الضعف والنكارة، تدليلًا على صحة مقولة شيخ الإسلام - رحمه الله - في ضعف الآثار الواردة في ذلك.

الصفحة 18