كتاب هدم المنارة لمن صحح أحاديث التوسل والزيارة

درجات الصحة، لكن هذا الطريق إذا ضُمَّ لسابقه استفاد الحديث قوة، فإن قال قائل: إنه مشبه بالحسن يكون قد أصاب، وكم احتج الأئمة الفقهاء بأقل من هذا وبمثله في الأحكام، بل هذا بمفرده يثبت مشروعية الزيارة).
قلت: في هذا الكلام مغالطات:
أولها: أن هذا الطريق معلول بإبهام راويه عن أنس، وحكم المبهم حكم مجهول العين، بل لربما كان أسوأ، فإن المبهم لا تُعلم عينه، ولا حاله، ومثل هذا لا يُقَوِّي بالمتابعة، ولا يتقَوَّى بها، وهذا معلوم مشهور عند أهل العلم.
ثانيها: أن هذا الحديث إذا انضم لسابقه لم يزده إلا وهنًا، لأن أهل العلم على أن الطرقَ شديدة الضعف إذا انضمت بعضها إلى بعض لم تزد بعضها البعض إلا وهنًا.
ثالثها: قول المؤلف: (بل هذا بمفرده يثبت مشروعية الزيارة) قول ساقط، لا يعرج عليه لشدة ضعف هذا الشاهد، ولأنه من الجائز جدًّا أن يكون هذا الرجل المبهم هو نفسه أبو المثنى سليمان بن يزيد.
رابعها: أن متن الحديث وشاهده منكران جدًّا، فقد خالفا ما هو أصح منهما، وهو حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم لا تجعل قبري وثنًا، لعن الله قومًا اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد".

الصفحة 280