كتاب هدم المنارة لمن صحح أحاديث التوسل والزيارة

وتداولوه في تصانيفهم".
قلت: وهذا الذي نقله ابن الصلاح عن جماهير أهل العلم سبقه إليه ابن عبد البر، فقال في "التمهيد" (١/ ٥) بعد أن نقل مذهب مالك وأبي حنيفة في الاحتجاج بالمرسل:
"وقال سائر أهل الفقه، وجماعة أصحاب الحديث في كل الأمصار فيما علمت: الانقطاع في الأثر يمنع من وجوب العمل به".
قلت: قد ذهب الإمام الشافعي - رحمه الله - إلى الاحتجاج بالمرسل بشروط ذكرها في كتابه "الرسالة" (ص: ٤٦١)، إلا أنه خص ذلك بمرسل كبار التابعين، ولم يطرده في غيرهم، فهذا المرسل لا يدخل ضمن ما احتج به الشافعي.
وأما أحمد - رحمه الله - فلا يصح عنه الاحتجاج بالمرسل، بل هو يقدم قول الصحابي على المرسل.
ففي "مسائل إسحاق بن إبراهيم بن هانى النيسابوري" (١٩١٤):
قلت لأبي عبد الله: حديث مرسل برجال ثبت أحب إليك، أو حديث عن الصحابة، أو عن التابعين متصل برجال ثبت؟
قاله أبو عبد الله: عن الصحابة أعجب إليَّ.
ونقل ابن رجب في "شرح العلل" (ص: ١٨١) عن أبي داود السجستاني في "رسالته إلى أهل مكة" أنه قال:
"وأما المراسيل فقد كان يحتج بها العلماء فيما مضى مثل سفيان

الصفحة 285