كتاب هدم المنارة لمن صحح أحاديث التوسل والزيارة

ولا يسلم له حتى يلج الجمل في سم الخياط - فلا يسلم له عدالة البهم، ولا حتى معرفة عينه، وهذا وحده كاف في رد الحديث.
وأما أن هذا الضعف فمما يحتج به الفقهاء، فإن كان بعضهم يقع لهم مثل ذلك في مصنفاتهم، فهو مما انتقد عليهم، لأنهم لا دراية لهم بصحة الأدلة وضعفها، ومن ثم يحتجون بما لا تقوم به حجة، بخلاف الأئمة المحققين من أهل العلم، فإنهم لا يحتجون إلا بالصحيح الثابت، وهذه هي سؤالات أحمد بن حنبل ومسائله، والأم للإمام الشافعي، وكتاب ابن المنذر النيسابوري من الأئمة المجتهدين المنسوبين إلى مذهب الشافعي، لا تراهم يحتجون بمثل هذه الواهيات، بل ولا يذهبون إليها بحال من الأحوال.
ومن هنا وردت بعض البدع على الإسلام بتحسين بعض الفقهاء ما لا يحسن من المحدثات اغترارًا ببعض الأحاديث الضعيفة والواهية والموضوعة، وقد بينت ذلك في كتابي "السنن والمبتدعات في العبادات"، وكتابي "الدُربة على الملَكة".
وأما أن أحاديث الزيارة منها ما هو على شرط الحسن، فكذب ومبالغة، وقد أثبتنا فيما تقدَّم زيفها ووهاءها.
وأما نقل المؤلف عن الذهبي أنه قال: أجودها (أي أحاديث الزيارة) إسنادًا حديث حاطب، وأقره السخاوي في "المقاصد الحسنة"، والسيوطي في "الدرر المنتثرة" فلا يقتضي أنها جيدة أو حسنة،

الصفحة 290