كتاب هدم المنارة لمن صحح أحاديث التوسل والزيارة

ورحمته عن قبورهم، وإنما قصد به بيان أن حصول الكرامة لا يقتضي تعظيم الخلق لها بما هو خارج عن الشريعة من شد الرحال إليها، وقصدها لأجل عبادة الله تعالى عندها.
قال - رحمه الله - (٢/ ٧٣٦):
"وما في قبور الأنبياء والصالحين من كرامة الله ورحمته، وما لها عند الله من الحرمة والكرامة فوق ما يتوهمه أكثر الخلق، لكن ليس هذا موضع تفصيل ذلك، وكل هذا لا يقتضي استحباب الصلاة، أو قصد الدعاء أو النسك عندها، لما في قصد العبادات عندها من المفاسد التي علمها الشارع".
قلت: وشيخ الإسلام - رحمه الله - لم يخالف بذلك أئمة أهل العلم ممن تقدَّمه بل وافق كثيرًا منهم، وقد أكثر من ذكرهم في مصنفاته، تنبيهًا على أنه لم يتفرد بمثل هذا الرأي، وبيَّن أن الخلاف إنما اشتهر في هذه المسألة من قِبل المتأخرين أمثال الغزَّالي، وأبو الحسن بن عبدوس الحرَّاني، وأبو محمد المقدسي - رحمهم الله -.
قال شيخ الإسلام (٢/ ٦٧٢):
"وما علمته منقولًا عن أحد من المتقدمين".
قلت: بل الظاهر من مذهب مالك - رحمه الله - يؤيد قول شيخ الإسلام من المنع من شد الرحل بالزيارة.
قال القاضي عياض - رحمه الله - في "الشفا" (٢/ ٦٦٧):

الصفحة 32