كتاب هدم المنارة لمن صحح أحاديث التوسل والزيارة

ومن ثمَّ فوجه الدلالة من هذا الحديث ضعيف.
وعلى ما تقدَّم يتبين أن رواية سعيد المقبري عن عطاء مولى أم صبيَّة غير محفوظة، فلا تُعتمد في التوثيق، وحتى لو كانت محفوظة فالمستقر عند جماهير العلماء أن رواية الثقة عن غيره لا تُعدُّ توثيقًا له كما ذكره الخطيب في "الكفاية" (ص: ١١٢)، وقد أورد فيه بابًا في ذكر الحجة على أن رواية الثقة عن غيره ليست تعديلًا له.
وأما توثيق ابن حبان، وتصحيح الحاكم فقد تقدَّم بحثه وأنه لا يعتبر بهما، لا سيما الحاكم، فإنه أشد تساهلًا من ابن حبان، وابن حبان لم يذكر من أمره ما يدل على أنه قد سبر حاله، وتتبع حديثه، وهو قليل الحديث، لا يُعرف له إلا حديثه عن أبي هريرة الذي هو قيد البحث، وحديث آخر عن أبي هريرة في فضل السواك عند النسائي في "السنن الكبرى" كما في "التحفة" (١٠/ ٢٨٠) من طريق: محمد بن إسحاق أيضًا، عن سعيد المقبري، عن عطاء، عن أبي هريرة.
وهذا الخبر أيضًا غير محفوظ، والوهم فيه من ابن إسحاق، فقد خالفه عبيد الله بن عمر العمري، وهو إمام حافظ ثقة مقدَّم، ولا يُقارن به محمد بن إسحاق.
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن ابن إسحاق قد وهم في رواية هذين الحديثين، وأن عطاء هذا لا يُعرف إلا من هذا الوجه

الصفحة 325