كتاب هدم المنارة لمن صحح أحاديث التوسل والزيارة

"وكره مالك أن يُقال: زُرنا قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ....
والأولى عندي أنه منعه وكراهة مالك له لإضافته إلى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنه لو قال: زُرت النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكرهه، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: اللهم لا تجعل قبري وثنًا يُعبد بعدي، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، فحمى إضافة هذا اللفظ إلى القبر والتشبه بفعل أولئك، قطعًا للذريعة".
قلت: فإن أضيف إلى ذلك شد الرحال إلى القبر كانت الكراهة عنده أشد بلا شك.
وقد نقل عن إسحاق بن إبراهيم الفقيه ما يؤيد ذلك.
قال (٢/ ٦٦٩):
"قال إسحاق بن إبراهيم الفقيه: ومما لم يزل من شأن من حج المرور بالمدينة، والقصد إلى الصلاة في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والتبرك برؤية روضته ومنبره وقبره ومجلسه وملامس يديه ومواطئ قدمه، والعمود الذي كان يستند إليه، وينزل جبريل بالوحي فيه عليه، وبمن عمَّره وقصده من الصحابة وأئمة المسلمين، والاعتبار بذلك كله".
فانظر كيف أنه كان مستقرًا عند أهل العلم تقديم شد الرحل إلى المدينة لزيارة المسجد والصلاة فيه، ثم التسليم على النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وهذا يؤيده ما نقله القاضي عياض (٢/ ٦٧٧) عن العتبية:

الصفحة 33