كتاب هدم المنارة لمن صحح أحاديث التوسل والزيارة

قلت: وهذا الكلام ينقض آخره أوله، فإن كان ذلك جائزًا في حق النبي - صلى الله عليه وسلم -، لثبوت منزلته عند الله تعالى في الدنيا والآخرة، وذلك بنبوته وبتوقيف الله تعالى لنا على ذلك بالنصوص الشرعية، إلا أن هذا منتف في حق غيره من المشايخ والأولياء، فإننا وإن حكمنا على ظواهرهم بالصلاح، لم يُكشف لنا عن بواطنهم، ولا ورد في حقهم توقيف يثبت فضلهم، والاعتقاد الذي أجمعت عليه الأمة أنه لا يُحكم على مسلم بجنة ولا بنار، إلا ما ورد به التوقيف، فإن كان ذلك كذلك، فكيف لنا أن نثبت لهم مكانة عند الله تعالى، ومن ثم نتوسل بهم إليه، إن هذا إلا عين التألي على الله تعالى بغير علم.
ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن كنا نذهب إليه يوم القيامة مستشفعين به إلى الله تعالى، وهو الاستشفاع بدعائه، فإنما ذلك لأن الله تعالى فضله بهذه الشفاعة، ومنعها غيره من الأنبياء، فالشفاعة عنده لا تكون إلا بإذنه، وقد أذن سبحانه في شفاعات عدة، منها ما هي لنبيه في الدنيا، ومنها ما هي لنبيه في الآخرة يوم القيامة، ومنها ما هي لبعض المؤمنين، وإنما صار القول بها، واعتقادها لورود التوقيف بها، بخلاف التشفع بالنبي والتوسل به في مماته، فإنه لم يصح ما يدل على ذلك.
ولأجل ذلك فإن قول المؤلف:

الصفحة 353