كتاب هدم المنارة لمن صحح أحاديث التوسل والزيارة

وجل قد اختص نبيه - صلى الله عليه وسلم - وهو في حياته الدنيا أن يتصل بهم وهم في حياتهم البرزخية، وأن يرى موسى عليه السلام وهو قائم يصلي في قبره، وأن يصلي بهم النبي - صلى الله عليه وسلم - إمامًا في بيت المقدس وهو لا يزال حيًّا وهم أموات في الدنيا أحياء عند ربهم فليس هذا عن الله تعالى ببعيد، ولا يقدح هذا أن بينهم وبين أهل الدنيا - كما قال تعالى -: {بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون: ١٠٠].
وقد أخرج ابن جرير في "التفسير" (١٩/ ٧١) بسند حسن عن مجاهد قال: حجاب بين الميت والرجوع إلى الدنيا.
وأما الاستدلال بصلاة الأنبياء، فهي محمولة هنا على ذكر الله تعالى وتسبيحه وتنزيهه، وإن كان ثمة استغفار فيها - وهذا يلزمه دليل لأنه تكليف، ولا تكليف بعد الممات - فيكون خاصًّا به - صلى الله عليه وسلم - لا يتعداه للاستغفار لأمته عليه الصلاة والسلام، إذ لا دليل عليه، وإنما ورد الدليل بحث الأحياء على الدعاء له - صلى الله عليه وسلم -، والصلاة عليه، وسؤال الوسيلة له بهليه السلام.
وأما حديث "حياتي خير لكم. . ." الذي أكثر المؤلف من الاحتجاج به فهو حديث ضعيف، وقد تقدَّم تخريجه وبيان ما فيه من أسباب الضعف والاعتلال.
وأما الأمر الرابع الذي احتج به المؤلف فهو أمر أجنبي خارج عن محل النزاع هنا، إذ استغفار النبي - صلى الله عليه وسلم - لعموم المؤمنين في حياته لا

الصفحة 359