كتاب هدم المنارة لمن صحح أحاديث التوسل والزيارة

(٩) أبو الحسن المرداوي.
ونقل عنه قوله:
"قوله: فإذا فرغ من الحج استحب له زيارة قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وقبر صاحبيه، هذا المذهب وعليه الأصحاب قاطبة متقدمهم ومتأخرهم".
قلت: إن قصد بشد الزيارة إليه ففيه خلاف، لا سيما وقد تقدَّم عن ابن بطة وهو من المعتمدين عند الحنابلة أيما اعتماد خلاف ذلك، وعد ذلك بدعة، وإن قصد زيارته لن قصد المدينة لأجل فضل شد الرحال إلى المسجد النبوي فصحيح، لا خلاف فيه.
فهؤلاء هم من ذكرهم المؤلف وعنى بهم إطباق الأمة، مع أن النووي قد أثبت الخلاف في المسألة، وهو أول من نقل عنه المؤلف، إلا أنه لم يعتبر بذلك، بل ادعى الإطباق المزعوم، وقد تقدَّم عن مالك، وعن الشافعي، وعن علاء الدين بن العطار، وعن أبي محمد الجويني، وعن القاضي عياض، وعن ابن عقيل ما يؤيد قول شيخ الإسلام - رحمه الله -.
وغالب ما أورده من العبارات في حق مطلق الزيارة كما تقدَّم، ولا منع منها، وإنما المنع من شد الرحال بنية قصد القبر، بخلاف ما أوهم به المؤلف، وما توهمه جماعة من الفقهاء على ابن تيمية - رحمه الله -، وقد تنبه لمثل هذا ابن عابدين، فقال في "رد المحتار" (٤/ ٥٣):

الصفحة 40