كتاب هدم المنارة لمن صحح أحاديث التوسل والزيارة

صفتهم في هاتين الآيتين الذين إذا دُعوا إلى حكم الله وحكم رسوله صدَّوا صدودًا، {إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} باكتسابهم إياها العظيم من الإثم في احتكامهم إلى الطاغوت، وصدودهم عن كتاب الله وسنة رسوله إذا دعوا إليها {جَاءُوكَ} يا محمد حين فعلوا ما فعلوا من مصيرهم إلى الطاغوت راضين بحكمه دونا حكمك، جاؤوك تائبين منيبين، فسألوا الله أن يصفح لهم عن عقوبة ذنبهم بتغطيته عليهم، ويسأل لهم الله رسولُه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مثل ذلك، وذلك هو معنى قوله: {فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ}، وأما قوله: {لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} فإنه يقول: لو كانوا فعلوا ذلك فتابوا من ذنبهم، {لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا}، يقول: راجعًا لهم مما يكرهون إلى ما يحبون، {رَحِيمًا} بهم، في تركه عقوبتهم على ذنبإم الذي تابوا منه".
قد فسره بمثل هذا البغوي، والشوكاني - الذي احتج بكلامه المؤلف في العموم -، وغيرهم من الفسرين.
وأما ابن كثير - رَحِمَهُ اللهُ - فقال:
"يرشد تعالى العصاة والمذنبين إذا وقع منهم الخطأ والعصيان أن يأتوا إلى الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيستغفروا الله عنده، ويسألوه أن يغفر لهم، فإنهم إذا فعلوا ذلك تابا الله عليهم، ورحمهم، وغفر لهم".

الصفحة 51