كتاب هدم المنارة لمن صحح أحاديث التوسل والزيارة

التي احتج بها المؤلف في الباب الثالث.
ولو صح هذا الحديث، فلا وجه للاستدلال بالآية على ما ذكر، فإن النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - - تبعًا لهذا الحديث - سوف يستغفر متى عُرضت عليه أعمال أمته لمن عصى الله أو أذنب، فلا يلزم للعاصي آنذاك أن يأتي النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وإنما يكفيه أن يستغفر وهو في مكانه.
ثم إنه قد تقرر في الأصول تبعًا لقوله تعالى:
{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} أنه لا تكليف إلَّا بمقدور، ومتى تعين القول بتعميم هذه الآية على النحو الذي عمم به المؤلف وشيخه إياها، فلا بد للعاصي مهما كانت معصيته، وأين ما كان أن يأتي النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليستغفر عنده، ويستغفر له النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولم يقل أحد بهذا من أهل العلم، بل هو من التشديد والغلو اللذين نهى الله تعالى عنهما ورسوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وعلى فرض التسليم لهما في ذلك، فهو خاص بالنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولا يتعداه إلى غيره من الأنبياء والصالحين، والآية ظاهرة المعنى في ذلك، فكيف نعمم ذلك على عموم الأولياء والصالحين كما يروِّج له المؤلف في كتابه؟ ! !
ثم تبين لي أن الاستدلال بهذه الآية استدلال قديم لأسلافهم

الصفحة 54