كتاب هدم المنارة لمن صحح أحاديث التوسل والزيارة

وإن حرمته ميتًا كحرمته حيًّا.
فاستكان لها أبو جعفر، وقال: يا أبا عبد الله، أأستقبل القبلة وأدعو، أم أستقبل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فقال:
ولم تصرف وجهك عنه، وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلى الله تعالى يوم القيامة؟ بل استقبله، واستشفع به، فيشفِّعك الله، قال الله تعالى:
{وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: ٦٤].
قلت: وهذه الحكاية منكرة بمرة، مخالفة لأصل قول مالك في الدعاء عند القبر، والعجب من القاضي كيف أوردها هكذا دون أن ينبه على ما فيها من مخالفة للروايات الصحيحة عن مالك.
وآلافة في هذه الحكاية من ابن حميد هذا، وهو محمد بن حميد الرازي، وهو واه عند أهل النقل، بل كذبه أبو زرعة، وقال إنه كان يتعمد الكذب، وكذبه أبو حاتم، والنسائي، وابن وارة.
وكذلك ففي السند إليه بعض من لا يُعرف، ومحمد بن أحمد بن الفرج، ترجمه الخطيب في "تاريخ بغداد" (١/ ٣٢٩)، ولم يورد فيه جرحًا ولا تعديلًا، إلَّا أنه أخرج حديثًا منكرًا من روايته.

الصفحة 63