كتاب هدم المنارة لمن صحح أحاديث التوسل والزيارة

وثمة علة أخرى في هذا السند، وهي الانقطاع، فإن بين ابن حميد ومالك - رَحِمَهُ اللهُ - مفازة.
قال شيخ الإسلام في "التوسل والوسيلة" (ص: ٦٩):
"محمد بن حميد الرازي لَمْ يدرك مالكًا، لا سيما في زمن أبي جعفر المنصور، فإن أبا جعفر توفي بمكة سنة ثمان وخمسين ومائة، وتوفي مالك سنة تسع وسبعين ومائة، وتوفي محمد بن حميد الرازي سنة ثمان وأربعين ومائتين، ولم يخرج من بلده حين رحل في طلب العلم إلَّا وهو كبير مع أبيه".
قلت: والذي صح عن مالك - رَحِمَهُ اللهُ - ما تبع فيه باقي الأئمة من استقبال القبلة عند الدعاء، لا استقبال القبر كما ورد في هذه الرواية المكذوبة.
وقد نقل القاضي عياض نفسه في "الشفا" (٢/ ٦٧١) عن الإِمام مالك أنه قال في "المبسوط":
"لا أرى أن يقف عند قبر النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يدعو، ولكن يسلِّم ويمضي".
وأما ما نقل عن ابن وهب، عنه أنه قال:
إذا سلَّم على النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ودعا، يقف ووجهه إلى القبر الشريف،

الصفحة 64