كتاب هدم المنارة لمن صحح أحاديث التوسل والزيارة

"يقول تعالى ذكره: ولا تنفع شفاعة شافع كائنًا من كان الشافع لمن شفع له إلَّا أن يشفع لمن أذن الله في الشفاعة".
قلت: فجاه المخلوق عند الخالق، ليس كجاهه عند المخلوق، فإنه لا يشفع عنده سبحانه وتعالى أحد إلَّا بإذنه، وقد أثبت الله تعالى شفاعة النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم القيامة، كما أثبت شفاعات أخرى يوم القيامة لبعض المؤمنين، وكلها مذكورة في السنن، بخلاف التوسل إلى الله تعالى بجاه النَّبِيّ أو الولي أو المَلَك، فإنه لَمْ يرد في السنن ما يدلُّ على ذلك إلَّا في بعض الأحاديث الساقطة سندًا.
وقال تعالى:
{أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (٤٣) قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [الزمر: ٤٣، ٤٤].
فهذا معناه أن الشفاعة لله جميعًا، ليس لأحد أن يشفع عنده إلَّا بإذنه، فهو سبحانه وحده الذي يقدر على نفع النّاس وضرهم في الحياة، ثم إليه مرجعهم جميعًا بعد الممات.
وهذا ظاهر على أنَّ اتخاذ الشفعاء إلى الله تعالى، والتوسل إليه بما لَمْ يأذن فيه من مظاهر العصيان له سبحانه، بل فيه مشابهة

الصفحة 79