كتاب شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم (اسم الجزء: 4)
وعلى ذلك تأويل
الحديث «1» المروي:
«سترون ربكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر»
: أي ستعلمونه اضطراراً بما تشاهدون من الآيات وليس من رؤية العين، لأن المرئي متحيز، ولا يجوز التحيُّز على الله تعالى، لأنه من صفات الأجسام. على أن أكثر العلماء ينكر هذا الحديث ويضعِّف إِسناده.
ورأى الشيء بعينه رؤية ورأياً: أي شاهده، وهو يتعدى إِلى مفعول واحد، قال الله تعالى: ترونهم مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ «2». قرأ نافع ويعقوب بالتاء على الخطاب، والباقون بالياء. وقرأ حمزة والكسائي: وَيَرَى فِرْعَوْنُ وَهَامَانُ «3» بالياء وفتح الراء ورفع فرعون وهامان وجنودهما؛ والباقون بالنون مضمومة وكسر الراء ونصب فِرْعَوْنَ وَهااماانَ وَجُنُودَهُماا؛ وقرأ يعقوب وعاصم وحمزة والأعمش: فَأَصْبَحُوا لاا يُرى إِلّاا مَسااكِنُهُمْ «4» بالياء مضمومة ورفع النون. قال الكسائي: أي لا يُرى شيء إِلا مساكنُهم، وهي رأي أبي عبيد وأبي حاتم؛ وقرأ الحسن وابن كثير وعاصم ويعقوب في رواية عنهما بالتاء معجمة من فوق مضمومة ورفع النون، والباقون بالتاء مفتوحة ونصب النون، على الخطاب.
قال سيبويه في قراءة الحسن: أي لا تُرى أشخاصُهم لكن تُرى مساكنُهم. قال أبو حاتم: لا تستقيم هذه القراءة في اللغة إِلا أن يكون قبلها إِضمار كما تقول: لا تُرى النساء إِلا زينب، ولا يجوز لا تُرى إِلا زينب.
__________
(1) أخرجه الترمذي في صفة الجنة، باب: رقم (17) رقم الحديث (2554).
(2) سورة آل عمران: 3/ 13 قَدْ كاانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتاا فِئَةٌ تُقااتِلُ فِي سَبِيلِ اللّاهِ وَأُخْرى كاافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللّاهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشااءُ .... وأثبت الشوكاني في فتح القدير: (1/ 321 - 322) قراءة نافع ويعقوب بالتاء، وأهل اليمن يعملون بقراءة نافع.
(3) سورة القصص: 28/ 6 وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهااماانَ وَجُنُودَهُماا مِنْهُمْ ماا كاانُوا يَحْذَرُونَ.
وقراءتها بالنون مرفوعة وكسر الراء، هي قراءة الجمهور كما في فتح القدير: (4/ 159).
(4) سورة الأحقاف: 46/ 25 ... بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهاا عَذاابٌ أَلِيمٌ. تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهاا فَأَصْبَحُوا لاا يُرى إِلّاا مَسااكِنُهُمْ كَذالِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ. وأثبت الشوكاني قراءة لاا يُرى.
الصفحة 2723
8319