كتاب شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم (اسم الجزء: 1)

لغتَان بمعْنًى، وليسَتْ إِحْداهما مأخُوذَةً منَ الأخْرى. والدليلُ على ذلكَ أنّكَ إِذا صَغَّرْتَ النَّاسَ قلْتَ: نُوَيْس، ولو كانَ أصْلُه أُنَاساً لقلتَ في تَصْغِيره: أُنَيِّس.
وحُذِفتْ للتّخفيفِ في قَوْلِهم: يا با فلان، أي يا أَبا فلان، قال الأَسْودُ «1»:
رُبَّ أَمْرٍ مُعْضِلٍ فَرَّجْتُ بِالْ‍ ... مَكْرِ منِّي والدَّهَا يابَا المُغِيرَهْ
وقال شاعر الخوارج «2» يرثي زيدَ بنَ عليِّ بن الحُسَيْن:
يا با حُسَيْنٍ والأُمُورُ إِلى مَدًى ... أَوْلَادُ دَرْزَةَ أَسْلَمُوكَ وطَارُوا
يا با حُسَيْنٍ لَوْ شُرَاةُ عِصَابَةٍ ... عَلِقُوكَ كَانَ لِوِرْدِهِمْ إِصْدَارُ
وحُذِفَتِ الهمزَةُ أيضاً في الأمْر من أخَذَ، وأكَلَ، وأمَرَ، فقيل: خُذْ وكُلْ، ومُرْ، الأصلُ اؤخُذْ، واؤْمُرْ، واؤكُلْ، قال اللّاه تعالى: كُلُوا مِنْ طَيِّبااتِ ماا رَزَقْنااكُمْ* «3»، وقال: خُذُوا ماا آتَيْنااكُمْ بِقُوَّةٍ* «4». وقد جاء في القرآن على الأصل في قوله تعالى:
وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلااةِ «5».
__________
(1) هذا ما اجتمعت عليه النسخ كلها، ولعله يريد أبا الأسود الدؤلي، فله بيت في هذا المعنى ورد في شرح نهج البلاغة: (18/ 414)، والخزانة: (10/ 341)، وشرح الملوكي: (369)، والممتع: (620). وصيغة بيت الدؤلي وروايته في هذه المصادر:
يا با المغيرة رب أمر معضل ... فرجته بالمكر منِّي والدها
ويروى أيضاً: «بالنكر» و «بالحزم» انظر أيضاً الحجة: (3/ 211، 307)، وأمالي ابن الشجري.
(2) في (صن) وحدها: «قال الشاعر» وسقطت من (نش) وشاعر الخوارج هذا هو حبيب بن خدرة (أو جَدرة)، انظر الكامل: 4/ 12. والبيتان فيه بتقديم وتأخير في صدري البيتين.
(3) من الآية: 57 من سورة البقرة/ 2، وتمامها: وَظَلَّلْناا عَلَيْكُمُ الْغَماامَ وَأَنْزَلْناا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّبااتِ ماا رَزَقْنااكُمْ وَماا ظَلَمُوناا وَلاكِنْ كاانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ.
(4) من الآية 63 من سورة البقرة/ 2، وتمامها: وَإِذْ أَخَذْناا مِيثااقَكُمْ وَرَفَعْناا فَوْقَكُمُ الطُّورَ، خُذُوا ماا آتَيْنااكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ماا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.
(5) من الآية: 132 من سورة طه، تمامها: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلااةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهاا لاا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعااقِبَةُ لِلتَّقْوى.

الصفحة 76