كتاب انتخاب العوالي والشيوخ الأخيار من فهارس

الْأَدَب الْمُفْرد وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ حسن صَحِيح
فَوَائِد تتَعَلَّق بِهِ
الأولى فِي حِكْمَة اخْتِيَار الروَاة الِابْتِدَاء بِهَذَا الحَدِيث سَمَاعا وَكِتَابَة فِي مؤلفاتهم المسلسلة قَالَ الْبُرْهَان الكوراني الْمدنِي فِي كِتَابه مسالك الْأَبْرَار إِلَى أَحَادِيث النَّبِي الْمُخْتَار ولنستفتح بِحَدِيث الرَّحْمَة المسلسل بالأولية لوجوه أ - أَحدهَا أَن الله تَعَالَى خَاطب نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله {وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة للْعَالمين}
ونوره أول مَخْلُوق وَمِنْه خلق بَقِيَّة الكائنات فَكَانَ أول سلسلة الكائنات فَنَاسَبَ أَن يكون حَدِيث الرَّحْمَة الْعَام الْمُتَعَلّق بِمن فِي الأَرْض أول الْأَحَادِيث
ب - ثَانِيهَا مَا دلّ عَلَيْهِ الحَدِيث الْقُدسِي من سبق الرَّحْمَة بقوله سبقت رَحْمَتي غَضَبي فَنَاسَبَ أَن يسْبق حَدِيثهَا أَيْضا
ج - ثَالِثهَا تقدم كِتَابَة الْحق لسبق الرَّحْمَة بعد التَّوْحِيد فَعَن ابْن عَبَّاس كَمَا رَوَاهُ الديلمي أول شَيْء خطه الله فِي الْكتاب الأول أنني أَنا الله لَا إِلَه إِلَّا أَنا سبقت رَحْمَتي غَضَبي فَمن شهد إِلَّا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله فَلهُ الْجنَّة فَنَاسَبَ أَن يكون حَدِيث الرَّحْمَة متصفا بأولية كِتَابَة الْخلق لَهُ كَمَا كَانَت الرَّحْمَة متصفة بأولية كِتَابَة الْحق لَهَا
الثَّانِيَة قَالَ شَيخنَا العجلوني فِي ثبته قَالَ فِي الْإِسْعَاف رِوَايَة الحَدِيث بِرَفْع يَرْحَمكُمْ كَمَا قَالَ الْبُرْهَان الْعِمَادِيّ فالجملة دعائية مستأنفة وَنقل مثله عَن الْحَافِظ النَّجْم الْغَزِّي قَالَ وَلَا يمْتَنع الْجَزْم فِي جَوَاب الْأَمر أَقُول وَمُقْتَضى قَوْله وَلَا يمْتَنع الْجَزْم أَن الرِّوَايَة الثَّابِتَة بِالرَّفْع وَعدم امْتنَاع الْجَزْم إِنَّمَا هُوَ من حَيْثُ الصِّنَاعَة لَا الرِّوَايَة لَكِن أَخْبرنِي صاحبنا الشَّيْخ مُحَمَّد الْجَوْهَرِي الْمصْرِيّ أَن وَالِده شَيخنَا الشهَاب أَحْمد ألف رِسَالَة فِي هَذَا الحَدِيث وَنقل فِيهَا أَن الرِّوَايَة جَاءَت بِالْوَجْهَيْنِ انْتهى وعَلى كل فرواية الرّفْع أبلغ كَمَا يظْهر بِالتَّأَمُّلِ وَالله أعلم
الثَّالِثَة ذكر شيخ شُيُوخنَا مُسْند الشَّام الشَّيْخ عبد الْبَاقِي الْحَنْبَلِيّ فِي ثبته عقب إِيرَاد هَذَا الحَدِيث قَالَ واتصل سندنا مسلسلا كل راو يَقُول عَن شَيْخه وَهُوَ أول شعر سمعته مِنْهُ إِلَى قَائِله وَهُوَ أَبُو الْحسن عَليّ بن هبة الله ابْن عَسَاكِر
(بَادر إِلَى الْخَيْر يَا ذَا اللب مغتنما ... وَلَا تكن من قَلِيل الْخَيْر محتشما)
(واشكر لمولاك مَا أولاك من نعم ... فالشكر يسْتَوْجب الإفضال والكرما)

الصفحة 38