كتاب التدرج في دعوة النبي

[المبحث الأول البدء بالأقربين]
المبحث الأول
البدء بالأقربين حثّ الله تعالى في كتابه الكريم على دعوة الأهل، وخصهم بذلك في أكثر من موضع فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6] (¬1) .
يقول ابن كثير: " قال الضحّاك ومقاتل: حق المسلم أن يعلِّم أهله من قرابته وإمائه وعبيده ما فرض الله عليهم، وما نهاهم الله عنه " (¬2) .
وقال تعالى آمرا نبيه صلى الله عليه وسلم: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: 132] (¬3) فأول واجبات الداعية أن يبدأ بدعوة أهله، وهذا ما فعله عليه الصلاة والسلام، فقد ابتدأ بعرض الدعوة على زوجته خديجة فقص عليها ما رأى من بدء الوحي، ثم قال: لقد خشيت على نفسي، فكان لها السبق في الاستجابة لدعوته، وتأنيسه وتيسير الأمر عليه وتهوينه لديه (¬4) مما دل على كمالها، وجزالة رأيها، وقوة نفسها، وثبات قلبها، وعظم فقهها (¬5) رضي الله عنها، وعرض دعوته على صديقه أبي بكر رضي الله عنه فآمن به، وصدق برسالته دون تردد، وقد بيَّن
¬_________
(¬1) سورة التحريم، الآية: 6.
(¬2) ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، 4 / 391.
(¬3) سورة طه، الآية: 132.
(¬4) ابن حجر، فتح الباري 1 / 37.
(¬5) مسلم، صحيح مسلم، شرح النووي 2 / 202.

الصفحة 101