كتاب التدرج في دعوة النبي

وفيما يلي التفصيل حول عرض دعوته صلى الله عليه وسلم على غير المسلمين ثم دعوته للمسلمين.

[أولًا دعوة غير المسلمين]
أولًا: دعوة غير المسلمين: لم تشغله صلى الله عليه وسلم العناية بذوي المكانة عن دعوة الآخرين فقد كان صلى الله عليه وسلم يدعو كل من لقيه إلى الإسلام قال تعالى: {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [إبراهيم: 1] (¬1) وقال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} [السجدة: 3] (¬2) .
يقول القرطبي: " قال قتادة يعني قريشا " كانوا أمة أمية لم يأتهم نذير من قبل محمد صلى الله عليه وسلم (¬3) .
وقيل: العرب قاطبة الذين لم يزالوا خالين من الكتب عادمين للرسل، قد عمتهم الجهالة وغمرتهم الضلالة (¬4) فكان صلى الله عليه وسلم في مبدأ بعثته يدعو كل من لقيه إلى الإسلام فقط، روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لما نزلت {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214] جعل النبي صلى الله عليه وسلم يدعوهم قبائل قبائل» (¬5) . وروى مسلم في حديث إسلام عمرو بن عبسة رضي الله عنه وفيه:
¬_________
(¬1) سورة إبراهيم، الآيتان: 1، 2.
(¬2) سورة السجدة، الآية: 3.
(¬3) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن 13 / 85.
(¬4) انظر: السعدي، تيسير الكريم الرحمن 6 / 334.
(¬5) البخاري، صحيح البخاري، كتاب المناقب، باب من انتسب إلى آبائه في الإسلام أو الجاهلية (ك 65ح 3335) 3 / 1298.

الصفحة 117