كتاب التدرج في دعوة النبي

" فقلت إني متبعك قال: «إنك لا تستطيع ذلك يومك هذا ألا ترى حالي وحال الناس؟ ولكن ارجع إلى أهلك فإذا سمعت بي قد ظهرت فأتني» (¬1) فاكتفى منه صلى الله عليه وسلم بالإسلام دون المتابعة، وكذلك فعل صلى الله عليه وسلم مع أبي ذر رضي الله عنه حيث قال له: «ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري» (¬2) فكان صلى الله عليه وسلم في هذه الفترة الزمنية المتقدمة من البعثة يدعو إلى الإسلام فقط فكان لا يسمع بأحد قادم مكة إلا تصدّى له ودعاه إلى الإسلام (¬3) وحين قدم سويد بن الصامت إلى مكة حاجا أو معتمرا تصدى له صلى الله عليه وسلم ودعاه إلى الإسلام (¬4) وكذلك فعل مع وفد بني عبد الأشهل حينما قدموا يلتمسون الحلف من قريش على الخزرج فجاءهم صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى الإسلام (¬5) .
واستمر صلى الله عليه وسلم بعد هجرته يدعو إلى الإسلام فقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «بينا نحن في المسجد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " انطلقوا إلى يهود " فخرجنا معه حتى جئنا بيت المدراس فقام النبي صلى الله عليه وسلم فناداهم فقال: " يا معشر يهود أسلموا تسلموا " فقالوا: بلغت يا أبا القاسم، قال: فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ذلك أريد أسلموا تسلموا. . .» (¬6) يقول ابن حجر:
¬_________
(¬1) مسلم، صحيح مسلم، كتاب صلاة المسافرين وحصرها، باب إسلام عمرو بن عبسة (ك 6 ح 832) 1 / 569.
(¬2) البخاري، صحيح البخاري، كتاب الفضائل، باب إسلام أبي ذر الغفاري رضي الله عنه (ك 66 ح 3648) 3 / 1401.
(¬3) انظر: ابن هشام، السيرة النبوية 2 / 52.
(¬4) انظر: ابن هشام المرجع السابق 2 / 53.
(¬5) انظر: ابن هشام المرجع السابق 2 / 54.
(¬6) البخاري، صحيح البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب قوله تعالى: " وكان الإنسان أكثر شيء جدلا " (ك 99 ح 6916) 6 / 2674، 2675.

الصفحة 118