كتاب التدرج في دعوة النبي

أصحابه من أجل نصرة الإسلام وموالاة أهله (¬1) فهاجر صلى الله عليه وسلم امتثالًا لأمر ربه، وبراءة من الشرك وأهله وحينما نهى عن الاستغفار للمشركين في قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} [التوبة: 113] (¬2) أي ما ينبغي لهم ذلك وهو خبر بمعنى النهي (¬3) فانتهى صلى الله عليه وسلم عن الاستغفار لعمه أبي طالب، وتبرأ من الشرك وأهله.
وحينما نُهي عن الصلاة على أهل النفاق في قوله تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: 84] (¬4) انتهى وتبرأ منهم؛ لأنهم فقدوا أصل الإيمان وهو التوحيد.
وكما كان براؤه من أجل التوحيد، فقد كان ولاؤه صلى الله عليه وسلم من أجل التوحيد، مهتديًا بقول الله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71] (¬5) .
وقوله سبحانه: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} [المائدة: 55] (¬6) .
وقد جاءت السنة تبين محبته صلى الله عليه وسلم لأهل التوحيد، فقد صرَّح صلى الله عليه وسلم بذلك لأحدهم يوم خيبر، حيث قال: «لأعطين هذه الراية غدا رجلًا يفتح الله على
¬_________
(¬1) انظر: ابن حجر، فتح الباري 6 / 120.
(¬2) سورة التوبة، الآية: 113.
(¬3) ابن حجر، 9 / 458.
(¬4) سورة التوبة، الآية: 84.
(¬5) سورة التوبة، الآية: 71.
(¬6) سورة المائدة، الآية: 55.

الصفحة 39