كتاب التدرج في دعوة النبي
فكان فرض الصلاة متقدمًا قبل بقية أركان الشريعة، يدل على ذلك حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حيث قالت: «فرضت الصلاة ركعتين، ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم ففرضت أربعًا، وتركت صلاة السفر على الأولى» (¬1) ففي قولها " ثم هاجر " دليل على تقدم فرض الصلاة، وأنها فرضت قبل هجرته صلى الله عليه وسلم مما يدل على مزيتها على سائر الفرائض والعبادات، يؤكد هذه الأهمية أنه صلى الله عليه وسلم كان يبايع عليها بعد التوحيد، يدل على ذلك ما رواه البخاري، عن جرير بن عبد الله قال: «بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم» (¬2) يقول ابن حجر مبينًا البدء بالصلاة بعد التوحيد: " وكان النبي صلى الله عليه وسلم أول ما يشترط بعد التوحيد إقامة الصلاة لأنها رأس العبادات البدنية، ثم أداء الزكاة لأنها رأس العبادات المالية، ثم يعلم كل قوم ما حاجتهم إليه أمس " (¬3) .
وكما كان صلى الله عليه وسلم يشترط بعد التوحيد الصلاة قبل غيرها، فقد كان صلى الله عليه وسلم يقدمها على غيرها في فعله، يدل على ذلك حديث عتبان رضي الله عنه قال: «أصابني في بصري بعض الشيء، فبعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنِّي أحب أن تأتيني فتصلي في منزلي فأتخذه مصلى، قال: فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ومن شاء
¬_________
(¬1) المرجع السابق (8 / 343) 1 / 137.
(¬2) البخاري، صحيح البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب البيعة على إقام الصلاة (ك 13 ح501) 1 / 196.
(¬3) ابن حجر، فتح الباري 2 / 188.
الصفحة 47
168