كتاب التدرج في دعوة النبي

فالمهم، وإلى هذا يشير النووي بقوله: " ولأنه صلى الله عليه وسلم رتب ذلك في الدعاء إلى الإسلام وبدأ بالأهم، ألا تراه بدأ بالصلاة قبل الزكاة " (¬1) فدل على أهمية مراعاة التدرج في الدعوة والتعليم والبدء بالأهم فالأهم (¬2) .
وكما تدرج الشارع في الدعوة إلى أركان الإسلام مراعيًا بالبدء بالأهم ثم المهم، فقد راعى هذا الجانب في الدعوة إلى أخلاق الإسلام حيث ابتدأ بالدعوة إلى أصول الأخلاق من الصدق والعدل وأداء الأمانة والعفة (¬3) مراعيًا في ذلك جانب التدرج في الوجوب والعلو (¬4) حيث حاجة الفرد إليها أمس، وأداؤها عليه أوجب، وقد جاءت الأدلَّة تؤكد اهتمامه صلى الله عليه وسلم في هذا الجانب في عهد مبكر من دعوته، من ذلك ما رواه البخاري، عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله، أن عبد الله بن عباس أخبره أن أبا سفيان أخبره: «أن هرقل أرسل إليه، فقال: فما يأمركم يعني النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يأمرنا بالصلاة والصدقة، والعفاف والصلة» (¬5) فدل هذا على أن هذه حاله صلى الله عليه وسلم مع الناس في ابتداء دعوته (¬6) يؤيد هذا حديث جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه مع
¬_________
(¬1) النووي، شرح صحيح مسلم 1 / 198.
(¬2) انظر: الشيخ محمد بن عبد الوهاب، كتاب التوحيد، ص 35.
(¬3) انظر د. محمد عبد الله دراز، الأخلاق في القرآن ص 88، وانظر: د. أحمد عبد الرحمن إبراهيم، الفضائل الخلقية في الإسلام ص 119، وانظر: د. أحمد غلوش، الدعوة الإسلامية ص 28.
(¬4) انظر: د. أحمد إبراهيم، الفضائل الخلقية في الإسلام، ص 138، 139.
(¬5) البخاري، صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب صلة المرأة أمها ولها زوج (ك81 ح5635) 5 / 2230.
(¬6) انظر: ابن حجر، فتح الباري 1 / 64.

الصفحة 49