كتاب التدرج في دعوة النبي

النجاشي، وفيه قوله: «فأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء. . .» (¬1) فلما هاجر صلى الله عليه وسلم وطبق المسلمون الإسلام وامتد ميدان الدعوة واتسعت البيئة أصَّل الرسول صلى الله عليه وسلم الدعوة إلى ركائز أخرى في أخلاق المسلم من التآخي والتراحم والتعاون وترك التباغض والتحاسد حيث حاجة الأمة المسلمة إلى هذه الأخلاق أشد ممتثلًا قول الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10] (¬2) وقوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ} [الحجرات: 12] (¬3) .
فكان عليه الصلاة والسلام يدعوهم إلى هذا التآخي والمودة، وينهاهم عن سيئ الأخلاق، يدل على ذلك ما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إيَّاكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخوانا» (¬4) .
يبين ابن حجر المقصود بهذه الإخوة بقوله: " قال القرطبي: المعنى كونوا كإخوان النسب في الشفقة والرحمة، والمحبة، والمواساة، والمعاونة والنصيحة " (¬5) وكان صلى الله عليه وسلم يدعو إلى هذه الفضائل بالثناء على صاحب الخلق
¬_________
(¬1) أحمد بن حنبل، مسند الإمام أحمد ح (1739) 1 / 250.
(¬2) سورة الحجرات، الآية: 10.
(¬3) سورة الحجرات، الآية: 12.
(¬4) البخاري، صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب النهي عن التحاسد والتدابر، (ك 81 ح 5717) 5 / 4253.
(¬5) ابن حجر، فتح الباري 12 / 105.

الصفحة 50