كتاب التدرج في دعوة النبي

الرجل يبين أن وسيلته عليه الصلاة والسلام في دعوة هذا الرجل هي القول، فلم يتجاوز عليه الصلاة والسلام القول إلى سواه يدل على ذلك قوله للرجل حينما قال إني متبعك: " إنك لا تستطيع يومك هذا ألا ترى حالي وحال الناس؟ ولكن ارجع إلى أهلك فإذا سمعت بي قد ظهرت فأتني " فالقول هو وسيلته صلى الله عليه وسلم في الدعوة في هذا العهد، من بدايته إلى نهايته، فحينما خرج إلى الطائف دعاهم إلى الله بالقول، يقول ابن إسحاق: " لما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف عمد إلى نفر ثقيف. . . فدعاهم إلى الله، وكلمهم بما جاءهم له من نصرته على الإسلام، والقيام معه على من خالفه من قومه. . " (¬1) وحينما أمره الله بعرض نفسه على القبائل، كان يدعوهم بالقول، يقول ابن إسحاق: " فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك من أمره، كلما اجتمع له الناس بالموسم أتاهم يدعو القبائل إلى الإسلام، ويعرض عليهم نفسه، وما جاء به من الهدى والرحمة. . . " (¬2) .
وبالقول استطاع صلى الله عليه وسلم إقناع وفد الأنصار بدعوة الحق حين التقى بهم فقد قال لهم كما يروي ابن إسحاق: " أفلا تجلسون أكلمكم؟ قالوا: بلى، فجلسوا معه، فدعاهم إلى الله عز وجل، وعرض عليهم الإسلام، وتلا عليهم القرآن " (¬3) وكان القول وسيلة مبعوثيه صلى الله عليه وسلم في إقناع مدعويهم، فقد قال مصعب بن عمير وهو مبعوثه صلى الله عليه وسلم إلى يثرب لزعيمي بني عبد الأشهل: " أو تقعد
¬_________
(¬1) ابن هشام، السيرة النبوية، 2 / 47، 48.
(¬2) المرجع السابق، 2 / 52.
(¬3) المرجع السابق 2 / 54.

الصفحة 58