كتاب التدرج في دعوة النبي

الرضوان يوم الحديبية. . .» الحديث (¬1) يعلل ابن حجر رحمه الله ذلك بقوله: " لأنها كانت مبدأ الفتح المبين على المسلمين لما ترتب على الصلح الذي وقع منه الأمن ورفع الحرب، وتمكن من يخشى الدخول في الإسلام والوصول إلى المدينة من ذلك " (¬2) .
وقد نبّه جماعة من العلماء إلى الحكمة العظيمة والفوائد الجمة المترتبة على إلزام المشركين بهذه المصالحة، فيقول الزهري: " لم يكن في الإسلام فتح قبل فتح مكة أعظم منه - يعني الحديبية - وإنما كان الكفر حيث القتال، فلما أمن الناس كلم بعضهم بعضا، وتفاوضوا في الحديث والمنازعة، ولم يكن أحد في الإسلام يعقل شيئًا إلا بادر إلى الدخول فيه، فلقد دخل في تلك السنتين مثل من كان دخل في الإسلام قبل ذلك أو أكثر " (¬3) .
ويقول النووي: " فكانت تلك المصالحة المترتبة على إتمام هذا الصلح ما ظهر من ثمراته الباهرة وفوائده المتظاهرة، التي كانت عاقبتها فتح مكة، وإسلام أهلها كلهم ودخول الناس في دين الله أفواجًا، وذلك أنهم قبل الصلح لم يكونوا يختلطون بالمسلمين فلما حصل اختلطوا بالمسلمين " (¬4) .
¬_________
(¬1) البخاري، صحيح البخاري، باب غزوة الحديبية (ك 67 ح 3919 3920) 4 / 1525.
(¬2) ابن حجر، فتح الباري 8 / 209.
(¬3) المرجع السابق 8 / 209، وانظر: ابن هشام، السيرة النبوية 3 / 206.
(¬4) النووي، شرح صحيح مسلم 12 / 140.

الصفحة 86