كتاب التدرج في دعوة النبي

فكان الإلزام بهذه المصالحة خاصًّا بقريش - العدو الوثني - (¬1) وقد اعترفت قريش في أعقابه بالكيان الإسلامي اعتراف الند بالند (¬2) فكان ذلك مدعاة لدخول كثير من القبائل في الإسلام بعد أن أمنوا من قريش بعد مصالحتها للنبي صلى الله عليه وسلم (¬3) .
بل كان هذا الصلح مقدمة لفتح مكة، حيث نقضت قريش صلحها مع النبي صلى الله عليه وسلم، فكان ذلك داعيًا لمسيره صلى الله عليه وسلم إليهم وفتح مكة (¬4) والقضاء على فتنتهم، حيث كانوا يصدون عن دين الله يقول تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة: 193] (¬5) ؛ ولذا أقبل الناس على دين الله أفواجًا فقد روى البخاري في كتاب المغازي، عن عمرو بن سلمة - رضي الله عنه - قوله: «وكانت العرب تَلَوَّمُ (¬6) بإسلامهم الفتح، فيقولون: اتركوه وقومه، فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق، فلما كانت وقعة أهل الفتح بادر كل قوم بإسلامهم وبدر أبي قومي بإسلامهم. .» الحديث (¬7) .
¬_________
(¬1) انظر: البوطي، فقه السيرة النبوية ص 374.
(¬2) انظر: أبو شهبة، السيرة النبوية (2 / 340) .
(¬3) انظر: حاشية د. مصطفى ديب البغا على صحيح البخاري 4 / 1525.
(¬4) انظر: ابن حجر، فتح الباري 8 / 164، 165.
(¬5) سورة البقرة، الآية: 193، وسورة الأنفال، الآية: 39.
(¬6) تَلَوَّمُ بإسلامهم الفتح: أي: تتلوم ومعناه: تنتظر فتح مكة حتى تعلن إسلامها، انظر: ابن حجر، فتح الباري 8 / 338، وانظر: العيني، عمدة القاري 17 / 290.
(¬7) البخاري، صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب من شهد الفتح، (67 / 4051) 4 / 1564، 1565.

الصفحة 87