كتاب المكافأة وحسن العقبى

#100#
وإلا سلمناك إلى أبي الفوارس مزاحم بن خاقان أيده الله، وسببت به عليك لأصحابه)).
فكتبت إليه رقعة أحلف فيها: ((إني ما أملك عدد هذا المال حب حنطةٍ: ولو كان لي شيء لصنت به نفسي! فإن رأي السيد رعاية السالف بيني وبينه وستر مخلفي، كان أهلاً لما يأتيه، وإن سلمني إلى هذا الرجل رجوت من الله عز وجل ما لا يخطئ من رجاه)).
((فرجع إلي بعض غلمانه ومعه رقعة مختومة، فاستركبني. وسار بي إلى مزاحم، فلما قرئت عليه الرقعة أدخلني إليه، وعنده كاتب له يعرف بالمروزي فعرفني مزاحم ولم أعرفه-: وكان أبوه في الحارة التي فيها دار أبي بسر من رأى، وربته أم امرأةٍ لي تعرف بميمونة، مولاة أم محمد بنت الرشيد؛ ولا علم لي بشيء من هذا فقال: ((أنت كاتب إبراهيم بن المهدي؟))، قلت: ((نعم! أيد الله الأمير))، قال: ((كنت أراك وأنا صبيٌّ في حارتنا، ووالله ما طلب ابن المدبر أن يروج علي مالاً، وإنما أراد أن أقتلك بالمطالبة. وقد قبلت التسبيب، ورأيت أن أكتب إلى أمير المؤمنين أعرفه رزوحك وقصور يدك عن هذا المال، فإن سهل، وإلا نجمه علي وعلى رجالي حتى يقاضوا به في كل نجمٍ))، ثم قال للمروزي: ((هذا رجل من مشايخي، وأم زوجته ببغذاذ تولت تربيتي، وقد استكتبته على أموري وما أحتاج إلى قبالته من الضياع بمصر، وليس يزيلك عن رسمك))، وأخذ خاتماً قد كان تختم به الكتب بحضرته فأعطانيه.

الصفحة 100