#112#
((فقال: ((هذا شيءٌ توليت تبيينه من كتاب المجسطي، فلما أحضرتنيه توهمت أنه سرق مني، حتى تبينت اختلاف اللفظين مع اتفاق المعنى)). ثم أمر أن تقطع لي أقبية، وترتاد لي منطقةٌ مذهبة، ففرغ من جميع ذلك في تلك الليلة، ودخل بي إلى المأمون، وأمرني بملازمته؛ وأجرى لي أنزالاً ورزقاً.
72 - وحدثني أحمد بن أبي يعقوب، قال: حدثني أبي:
((أن جبريل بن بختيشوع كان يخلف الأطباء في دار الرشيد وكانت به نزاهةٌ، وبه فاقة شديدةٌ، ورزقه يومئذ ثلاثمائة درهم في كل شهر. فوقع الرشيد في غشية لم يتقدمها علة، فأجمع الأطباء على أنه تالفٌ، وأخبر ابن يختيشوع، فقال: ((ما له إلا علاج واحد وهو أن يحجموه))؛ فقال محمد الأمين: ((أخاف أن أخاطر به))؛ ثم قال: ((قد أيسنا منه، والصواب أن نمتحن هذا فيه)). فأحضروا الحجام فجمع الدم في أخدعيه وهو مستلقٍ؛ ثم أخرج من دمه محجمتين، ففتح الرشيد عينيه، واستدعى طعامه، وأكل ونام.
فلما انتبه اقتص عليه المأمون ما جرى عليه [أمره، وأذن] للداخلين في تهنئته بالسلامة. فلما اكتملوا قال لهم: ((يا معاشر الأمراء والأطباء! إنما ارتبطتكم لحراسة نفسي، وقد حدث علي حادثٌ لم يغن عني فيه بعد الله عز وجل إلا هذا الغلام! ونصيبه مني نزر، ونصيبكم وافرٌ. فاعدلوا ميل المملكة بأن يجعل له كل رجل منكم نصيباً من إنعامي عليه وإحساني إليه، حتى يكون له من جماعتكم ما يوازي ما تقدم عليه به في حسن الدفاع عني)).