كتاب المكافأة وحسن العقبى

#12#
أحضره أحمد بن طولون، ومجلسه بين الخاص والعام - فلما رآه بكته بالإجلاب عليه في الثغر، فاعتذر بعذرٍ قبله، ولقيه بالرأفة، بضد ما خفته عليه، وأطلقه فكان من آثر إخواني عندي إلى أن فرقت الأيام بيني وبينه)).
5 - وحدثني عمي إسحاق بن إبراهيم، قال:
((انتظرت أبا عبد الله الواسطي -كاتب أحمد بن طولون- في داره، حتى رجع من عند أحمد بن طولون. فأوصل إليه بعض الحجاب ثبت من وقف بالباب، فرأى فيه إسماعيل بن أسباط فسأل عنه. فقيل له: ((وقف بالباب طويلاً وانصرف)). فقال: ((إن هذا الرجل ممن عمر هذه المنزلة مدةً طويلة، ولست أشك أن مجيئه لحاجةٍ له، ومن الجميل أن أركب إليه فأقتضيه حوائجه، وأبلغ فيها محبته)). ثم ركب وسرت معه، حتى دخلنا دار إسماعيل بن أسباط -وهي التي ملكها الشير بعده-، فرأينا داراً عاريةً من الستور والفرش، وتأملنا من فيها من الحشم على حالٍ سيئةٍ. فاستقبله إسماعيل بالشكر والدعاء له، فقال له الواسطي: ((إنه لا فرق بينك الساعة عندي في المرتبة التي كنت فيها. ومن جمالنا فيما أفضى إلينا أن نحسن فيه خلافة من تقدمنا، وأن نراهم كالآباء المستحقين البر من أولادهم))، وسأله عن حاجته، فقال: ((أخبرك بها بعد أن أحدثك بشيءٍ يدل على أن المعروف ينفع عند مستحقه من غير المستوجبين له)).
((كانت لي -أيدك الله- دار خيلٍ نحو المنظر، وكنت أركب إليها في غداة الليلة التي أعاقر فيها إخواني. فركبت إليها يوماً فألفيت في الصحراء، جمعاً من العامة، وقد ضاقت بهم، ومعهم عامل المعونة. واستقبلتني امرأةٌ قد هتكت

الصفحة 12